راح عاصي الرحباني يلحن لفيروز أغنيات جديدة فكانت أولاها “حبذا يا غروب”، من كلمات الشاعر قبلان مكرزل. وتبعها عدد من الأغاني الأخرى التي حملتها على جناح الشهرة، مثل “عتاب” الموقعة باسم الأخوين رحباني تأليفا وتلحينا و”بلمح ظلال الحب” و”قوي حبك”.
وراح عالم فيروز الغنائي يتسع شيئاً فشيئاً ويكبر. وكانت الصداقة قد توطدت بين فيروز من جهة، وبين عاصي وأخيه منصور من جهة ثانية. وفي مرحلة لاحقة، راحت علاقة فيروز بعاصي تتحول الى ما هو أبعد من صداقة أستاذ وتلميذة، خاصة وان فيروز راحت ترى الأشياء من خلاله، ويزداد اعجابها به يوماً بعد يوم بعدما كانت تنفر منه في السابق! وكان يحدث بين وقت وآخر ان تجمعهما جلسات في أوقات الفراغ فيتجاذبان الحديث، وعندها يسألها عاصي: “ألا تنوين الزواج؟”. وكانت تجيبه على الفور: “لا أريد أن أصبح معلمة مدرسة “.
وكانت الموسيقى الشغل الشاغل لعاصي، وهذا ما دفعه الى تأليف عصبة الفنانين الخمسة المؤلفة منه ومن شقيقه منصور، وتوفيق الباشا وزكي ناصيف، وتوفيق سكر، ومهمتها بعث موسيقى جديدة من واقع التراث التقليدي والشعبي كالموشحات والقصائد والادوار والفولكلور… وفي تلك الفترة اعلن الأخوان رحباني احترافهما الفن باسم الاخوين رحباني، وكان نتاجهما يتوزع ما بين اذاعة الشرق الادنى والاذاعة اللبنانية وبصوت فيروز بطبيعة الحال .
وفي العام ١٩٥٦ كانت مصر قد تعرضت الى الاعتداء الثلاثي فأغلقت محطة الشرق الأدنى مكاتبها في بيروت باعتبارها شركة انكليزية، بينما افتتح الأخوان رحباني مكتباً لانتاجهما، فتحول صبري الشريف كمخرج لأعمالهما المسرحية الغنائية فيما بعد، في وقت كان فيه منصور الرحباني قد خلع بذلته كشرطي بلدي، بينما توظف شقيقهما الثالث الياس كملحن في الاذاعة فترة عشر سنوات انتهت باستقالته أيضاً وتفرغه لأعماله المنوعة…
ومن خلال هذه التحركات الرحبانية، كان عالم فيروز الغنائي يتسع شيئاً فشيئاً ويكبر، وكانت الاذاعة السورية بعد الاذاعة اللبنانية مجالاً مهماً في انتشار أغنياتها مما جعل الدعوات توجه اليها لاحياء الحفلات في دمشق.
وفي العام ١٩٥٧ وقفت فيروز للمرة الأولى أمام الجمهور الدمشقي وغنت قصيدة “بردى” للأخطل الصغير ضمن حفلات معرض دمشق الدولي.