
غيابك بكّاني يا نصري،
كنت قول إذا غبت بكرا بيرجع،
وإذا فلّيت بكرا بشوفو،
ولا مرة غبت هيك وفلّيت هالقد،
كان بيلبقلك تعيش كتير بعد..
كان بيلبق لصوتك يغني بعد..
كان بيلبقلك العز والاسم والضو،
ما سبق وطلعت ع مسرح ببلدي وإنتَ مش معي،
اليوم لا وجّك ولا صوتك،
ولا قلبك اللي متل الدهب رح يكونوا معي،
بالماضي كنت إنطرك بفرح،
اليوم رح إتذكرك بحزن.
نصري يا رفيقي الوفي وفناني الكبير،
في شي بفني زاد لأنك جيت،
وفي شي نقص لأنك رحت،
كنت ربحي الكبير،
وخسرتك يا نصري…
بهذه الكلمات رثت فيروز رفيق دربها على خشبة المسرح وفي السينما في مسيرة فنية راقية عنوانها الابداع والروائع الغنية بالكلمة واللحن والصوت الشجي… من ناطور الكروم الى شيخ المشايخ، والخال الذي يحمي الضيعة من راجح “الكذبة”… المستشار في “الشخص” و”صح النوم” والجد في “يعيش يعيش” ورئيس البلدية في “المحطة” والبويجي في “لولو” والوزير في “بترا”… كلها أعمال كان فيها نصري شمس الدين أحد الأركان الأربعة التي ارتكز عليها المسرح الرحباني، إلى جانب المؤسسين، الأخوين عاصي ومنصور رحباني وفيروز في ابداعات المسرحية.
السيرة الذاتية
ولد نصر الدين مصطفى شمس الدين في بلدة جون في 27 حزيران 1927، من أسرة تعرف بعائلة “المشايخ”؛ وكان الوالدان يتمتعان بصوتين رائعين، خصوصاً الوالدة.

بعد مدرسة جون الابتدائية، التي تابع فيها نصري دراسته الأولى، انتقل إلى مدرسة المقاصد في صيدا. وفي سن السابعة عشرة، وقبل إتمام المرحلة الثانوية، انتقل إلى تدريس مادة اللغة العربية في مدرسة شبعا في قضاء حاصبيا، ثم في مدينة صور. وبعد حفلة غنائية اقامها أمام التلامذة عازفاً على العود الذي يرافق الصوت الصداح في العتابا والمواويل؛، تدخل المدير “بكل محبة” وخيّر نصري بين مهنة التدريس أو الغناء، وكان أن اختار نصري ما يرغب ويعشق، الفنّ والطرب.
وانتقل نصري إلى مصر ليعمل في شركة “نحاس فيلم”، ثم إلى بلجيكا ليدرس الموسيقى ويعود إلى بيروت حاملاً دبلوماُ في الموسيقى؛ ولأنه لم يوفق في المجال الذي يرغب، يعمل نصري موظفاً في مركز البريد في بيروت في نطاق الاتصالات الهاتفية. وتتدخل الصدفة بعد العام 1952، إذ يقرأ نصري إعلاناً في إحدى الصحف اللبنانية مفاده ان إذاعة “الشرق الأدنى” تبحث عن مواهب فنية شابة، فسارع إليها؛ ليقف ممتحناً أمام لجنة حكم كانت مؤلفة من: عاصي ومنصور الرحباني، عبد الغني شعبان، حليم الرومي وغيرهم، تقرر ضمه إلى الفريق الغنائي في الإذاعة التي أصبحت تعرف لاحقاً بإذاعة “لبنان الرسمية”.

ومن هناك انطلق نصري شمس الدين في مشواره الفني عندما أدى ثلاثة اسكتشات غنائية “مزراب العين” و”حلوة وأوتوموبيل” و”براد الجمعية”؛ ثم يطلق أغنيته الخاصة الأولى، “بحلّفك يا طير بالفرقة” وهي من ألحان المبدع فيلمون وهبة، الذي ارتبط به ارتباطاً وثيقاً في صداقة حميمة ورفقة مشاوير “عيد العصافير” إلى جانب إيلي شويري ووليم حسواني.
بقي نصري في المسرح الرحباني الذي انضم إليه عام 1961 حتى العام 1980، وكان آخر عمل مسرحي له اعادة مسرحية “الشخص” الى جانب رونزى، لينطلق بأغان وألبومات منفردة توّجها في ألبوم “الطربوش” من تلحين ملحم بركات. وشارك نصري في تأليف وتلحين بعض أغانيه على نحو أغنية “ليلى دخل عيونها” ولحّن قصيدة “بعرسك جيت غنيلك قصيدة” التي غناها في عرس ابنته ألماسة وهي من كلمات مصطفى محمود.
تزوج نصري شمس الدين في العام 1956 من يسرا الداعوق وأنجب منها: مصطفى وألماسة (توأمان)، مي وماهر، ريما ولين (توأمان).
شارك في العديد من المسرحيات الغنائية التي قدمتها فرقة الأخوين رحباني، هي: “موسم العز” سنة 1960، “البعلبكية” سنة 1961، “جسر القمر” سنة 1962، “الليل والقنديل” سنة 1963، “بياع الخواتم” سنة 1964، “دواليب الهوا” سنة 1965، “أيام فخر الدين” سنة 1966، “هالة والملك سنة 1967، “الشخص” في 1968 (دمشق)، 1969 (البيكاديلي) و1980 (عمان مع رونزى)، “جبال الصوان” سنة 1969، “يعيش يعيش” سنة 1970، “صح النوم” سنة 1971، “ناس من ورق” سنة 1972، “ناطورة المفاتيح” سنة 1972، “المحطة” سنة 1972، “قصيدة حب” سنة 1973، “لولو” سنة 1974، “ميس الريم” سنة 1975، “بترا” سنة 1977.
كما قام ببطولة ثلاثة أفلام رحبانية الى جانب فيروز، هي “بياع الخواتم” سنة 1965، “سفر برلك” سنة 1967 و”بنت الحارس” سنة 1968. يضاف الى ذلك عدد كبير من الحفلات الغنائية في لبنان والخارج والبرامج التلفزيونية.
وخارج القلعة الرحبانية، أدى نصري شمس الدين دور البطولة في العديد من الأعمال المسرحية، أبرزها “الوهم” مع وليد غلمية سنة 1968، “مدينة الفرح” سنة 1971، “ايام صيف” مع الياس رحباني سنة 1972، “جوار الغيم” و”وادي الغزار”.
في 18 آذار 1983، توفي نصري شمس الدين فيما كان يغني على مسرح نادي الشرق في دمشق، بعد تعرضه لنزيف دماغي، ليرحل مبكرا عن هذا العالم تاركا فراغا كبيرا في المسرح الغنائي. لكن إرثه الفني ما زال يغني الأثير ومسامع عشاق الفن الأصيل وقلوبهم بكل ما هو جميل…
للاستماع الى أوسع أرشيف غنائي ومسرحي لنصري شمس الدين، يمكنكم استخدام الرابط التالي: