الزمن الرحباني – الحلقة الحادية عشرة

بعد دخول عاصي الإذاعة اللبنانية، كانت نهاد حداد قد أصبحت تحت رعاية حليم الرومي الذي احتضنها غنائياً، فلحن لها العديد من الألحان الناجحة، وكان أولها “تركت قلبي وطاوعت حبك” التي أذيعت مباشرة عبر ميكروفون الإذاعة في نيسان ١٩٥٠، وتلاها عدد من الأغنيات، منها “في الجو سحر وجمال”، “یا حمام يا مروّح بلدك”،  و”أحبك مهما أشوف منك”. كما غنّى معها ديو ” عاشق الورد”.

في هذه المرحلة أيضاً، انهمك الرومي بوجوه جديدة اكتشفها،  وتحديدًا نونا الهنا وسعاد هاشم. ولما كانتا بحاجة لرعاية واهتمام، خطر في باله أن يضع فيروز تحت رعاية بعض زملائه الملحنين فلم تمانع فيروز في ذلك. وعرض عليها أسماء سليم الحلو وخالد أبو النصر وعاصي الرحباني.

فما أن سمعت فيروز باسم عاصي حتى أعلنت رفضها له وقالت: “دخيلك يا إستاذ خلّي الكل يلحنولي الا عاصي”. وعندما سألها عن السبب أجابت: “هيك، ما بحب إحكي معو” .

فقال لها: “شوهيك؟ المهم ناخد لحن منو”.

وأرسل حليم الرومي في طلب عاصي الرحباني الذي كان في هذا الوقت يعمل كعازف كمان في الفرقة الموسيقية الخاصة بالاذاعة اللبنانية.

كما كان يتعاون بين وقت وآخر مع اذاعة الشرق الأدنى على تقديم نوع معين من الأغاني الخفيفة المرحة التي تقوم بغنائها شقيقته سلوى، مثل “دجاجات الحب” و”نحنا دياب الغابات” وغيرهما. وعندما كان ينتهي من انجاز لحن يسمعه لحليم الرومي ويطلب ملاحظاته.

أما شقيقه منصور فكان ما يزال في سلك الشرطة، وكان يأتي لزيارة شقيقه في الاذاعة مرة في الأسبوع أو كلما سنحت الظروف بذلك، بعدما استقال عاصي من

الشرطة البلدية ليمضي في طريق الفن.

وكان لتشجيع رئيس دائرة الاذاعة فؤاد قاسم دوره الأول في حياة عاصي الموسيقية، إذ أفسح أمامه فرصة العمل في الاذاعة، ومن ثم أتاح أمامه مجال التأليف والتلحين. ومن أعماله في ذاك الوقت الألحان التي صاغها لفرقة “شداة الوادي” التي انحصر دورها في أداء الأناشيد الوطنية.

وجاء عاصي إلى مكتب حليم الرومي ليسأله عن سبب استدعائه له. وعلى الفور قال له الرومي: “بدي عرفك على فيروز”.

وشبك عاصي يديه ووضعهما على صدره وأجاب بلهجة يميزها الاعتداد: “بعرفها… بعرفها… صوتها مليح”.

وقال الرومي: “إن المسألة لا تكمن في أن صوت مع معدن مليح، وانما بامكان هذا الصوت اداء اللون الشرقي والغربي على السواء”.

واعترضه عاصي بالقول: “ولكني أستاذ حليم لا أعتقد ان صوت فيروز يتلاءم مع اللون الغربي”. وكان حليم الرومي على قناعة تامة بأن صوت فيروز يمكنه التلون غنائياً اللونين الشرقي والغربي. ولم يكن هذا بيت القصيد وانما أن يتم تقديم فيروز إلى عاصي الذي ما أن التقاها حتى اتفق معها على لقاءات مقبلة أثمرت عن اشتراكها في عمل ثنائي باسم “لما ولمياء”، وكانت حنان، وهي بدورها مطربة، تقوم بالدور الآخر.

  • Related Posts

    الزمن الرحباني – الحلقة الخامسة عشرة
    • JosephJoseph
    • ديسمبر 10, 2024

    عندما انطلقت الأغنية الرحبانية في الأربعينات، دأب الأخوان رحباني على منحها هوية خاصة مستقلة عن الأغنية الغريبة عن لبنان، أكانت عربية أم أجنبية. وهذان التجديد والاستقلالية كان لا بد أن…

    إقرأ المزيد

    أكمل القراءة
    الزمن الرحباني – الحلقة الرابعة عشرة
    • JosephJoseph
    • نوفمبر 25, 2024

    في البناء الشعري عند الأخوين رحباني، يسترعي الانتباه دأب عاصي ومنصور المتواصل على تطوير الأغنية القصيرة، فكتبا بالعامية والفصحى في منحى تجديدي. فاعتمدا على القصيدة القصيرة لتتناسب مع المدّة القصيرة…

    إقرأ المزيد

    أكمل القراءة

    أخبار فاتتك

    الديك الرومي المشوي

    • من Joseph
    • ديسمبر 19, 2024
    • 0
    • 13 views
    الديك الرومي المشوي

    مكبس الرموش: الفوائد والأضرار والبدائل

    • من Joseph
    • ديسمبر 13, 2024
    • 0
    • 28 views
    مكبس الرموش: الفوائد والأضرار والبدائل

    كريسماس شتولن

    • من Joseph
    • ديسمبر 11, 2024
    • 0
    • 39 views
    كريسماس شتولن

    الزمن الرحباني – الحلقة الخامسة عشرة

    • من Joseph
    • ديسمبر 10, 2024
    • 0
    • 62 views
    الزمن الرحباني – الحلقة الخامسة عشرة